مصر بطلة أوروبا — كورافيا

مصر بطلة أوروبا — كورافيا

كتب : د. محمد حسن عبد العزيز

 

من حقك أن تندهش وتتعجب عندما تقرأ هذا العنوان بالرغم من كونه حقيقة لا تقبل الشك وليس جملة من فيلم سينمائي أو أحد كتب الخيال العلمي ولكي نتعرف على القصة بالكامل نحتاج للعودة لثلاثينيات القرن الماضي وبالتحديد عام 1934 حين انضمت مصر لعضوية الاتحاد الدولي لكرة السلة وكانت الدولة الأفريقية الوحيدة التي تمارس اللعبة وشاركت بالفعل في أوليمبياد برلين 1936 وبالرغم من خسارة مبارياتها الثلاث أمام بيرو وأوروجواي والمكسيك إلا أن الاتحاد الأوروبي وجه الدعوة لمصر للمشاركة في النسخة الثانية من بطولة أوروبا عام 1937 التي أقيمت في لاتفيا بطلة النسخة الأولى.

وقعت مصر في المجموعة الأولى بصحبة ليتوانيا واستونيا وإيطاليا حيث خسر 44-15 أمام استونيا و21-7 أمام ليتوانيا التي توجت باللقب في النهاية وكادت مصر تحقق فوزها التاريخي الأول بعدما تفوقت على إيطاليا 31-28 ولكن بسبب خطأ تحكيمي أعلن الاتحاد الدولي إلغاء نتيجة المباراة وإعادتها وهو ما رفضه منتخب مصر الذي انسحب من البطولة ليتم اعتباره خاسراً مباراة إيطاليا ومباراتي لاتفيا والتشيك في تحديد المراكز.

مثل مصر في البطولة كل من ألبير فهمي تادرس وموريس حريري وكمال رياض وعلي محمد السيد ومحمد رشاد شفشق وسيزار ياهري وعبد المنعم وهبي الذي أصبح بعد ذلك رئيساً للاتحاد الدولي لكرة السلة وهو أول مصري وعربي وأفريقي في التاريخ يتولى رئاسة الاتحاد الدولي لإحدى الرياضات.

غابت مصر عن نسختي 1939 و1946 ولكنها عادت للمشاركة في النسخة الخامسة في تشيكوسلوفاكيا 1947 وكانت العودة مختلفة حيث تصدرت مصر المجموعة الرابعة عن جدارة بعدما حققت ثلاث انتصارات على كل من بلجيكا 46-35 وإيطاليا 43-38 وألبانيا 104-19 لتتأهل للدور الثاني حيث تم تقسيم الفرق المتأهلة لمجموعتين بنظام الدوري من دور واحد ويتأهل أول كل مجموعة للنهائي ويلعب وصيف كل مجموعة على الميدالية البرونزية.

في الدور الثاني فازت مصر على بولندا 52-28 وعلى بلغاريا 51-38 ولكنها خسرت أمام الاتحاد السوفييتي 46-32 لتواجه بلجيكا في مباراة المركز الثالث وتكرر الفوز عليها بنتيجة 50-48 لتحصل على البرونزية كأول منتخب في التاريخ يتوج بميدالية في بطولة قارية خارج قارته.

الفريق المصري وقتها ضم كل من يوسف عباس وفؤاد أبو الخير وجيدو آشر وموريس كاليف وجابرييل أرماند كاتافوجو (جابي) وعبد الرحمن حافظ إسماعيل وزكي سليم حريري وحسن معوض وحسين كامل منتصر ووحيد شفيق صالح وألبير فهمي تادرس وزكي يحيى.

ورغم الحصول على برونزية بطولة أوروبا إلا أن النتائج في أوليمبياد لندن في العام التالي لم تكن على نفس المستوى حيث خسرت مصر أربع مباريات في المجموعة الثالثة على يد كل من الولايات المتحدة الأمريكية وتشيكوسلوفاكيا والأرجنتين وبيرو ولكنها حققت انتصارها الأوليمبي الأول على حساب سويسرا بنتيجة 31-29 لتنتقل للمنافسة على تحديد المراكز من السابع عشر للثالث والعشرين والتي شهدت خسارة مصر أمام إيطاليا ثم فوزها على بريطانيا صاحبة الأرض 50-18 لتحتل المركز التاسع عشر.

 

 

نعود مرة أخرى للنسخة السادسة من بطولة أوروبا والتي كان من المفترض تنظيمها عام1949 ووفقاً للعرف السائد وقتها كان من حق حامل اللقب استضافة البطولة ولكن الاتحاد السوفييتي اعتذر عن التنظيم ولم يكن بإمكان الوصيف تشيكوسلوفاكيا استضافة البطولة مرتين متتاليتين ليأتي الدور على مصر صاحبة المركز الثالث التي وافقت على استضافة البطولة في القاهرة لتصبح أول وآخر نسخة تقام بالكامل خارج القارة العجوز.

ونظراً لصعوبة السفر خارج أوروبا في ذلك الوقت رفضت معظم دول أوروبا الاشتراك في البطولة باستثناء فرنسا وتركيا واليونان وهولندا وإيطاليا بالإضافة إلى مصر ولكن قبل البطولة بإحدى عشر يوماً فقط حدثت كارثة سوبيرجا وهو حادث الذي راح ضحيته فريق تورينو لكرة القدم بالكامل لتقرر إيطاليا الاعتذار عن عدم السفر والمشاركة في البطولة.

مع ضيق الوقت وتواجد خمسة منتخبات فقط تم توجيه الدعوة لسوريا ولبنان للمشاركة في البطولة التي أقيمت بنظام الدوري من دور واحد على غرار نسخة 1939.

المباريات أقيمت في هليوبوليس في الهواء الطلق ونجح منتخب مصر في تحقيق الفوز في كل مبارياته على سوريا 71-44 وهولندا 54-23 ولبنان 57-30 وتركيا 57-44 واليونان 50-39 وأخيراً على فرنسا بنتيجة 57-36 في 22 مايو ليسجل المنتخب المصري اسمه بحروف من ذهب في سجلات كرة السلة بعدما توج باللقب بدون هزيمة كأول وآخر بطل لأوروبا من خارج القارة العجوز

كتيبة الأبطال وفقاً لموقع الاتحاد الأوروبي الرسمي ضمت كل من:

ألبير فهمي تادرس كابتن الفريق ()حسين كامل منتصر (الزمالك)صلاح الدين نسيم ()فؤاد عبد المجيد أبو الخير (سبورتنج)ساكيوحيد شفيق صالح (الشبان المسلمين)جابرييل أرماند كاتافوجو (سان مارك)عبد الرحمن حافظ إسماعيل هداف الفريق (الترام السكندري)يوسف محمد عباس (الأهلي)محمد عز الدين الرشيدي (الأهلي)يوسف كامل أبو عوف (الزمالك)مدحت محمد يوسف (الشبان المسلمين)محمد محمود سليمان (الشبان المسلمين)بتانونيالمدير الفني الإيطالي كارمين (نيلو) باراتوريالمدرب العام الأمريكي أونيل هاريس

 

 

هذا الجيل العظيم الذي دخل التاريخ بتتويجه ببطولة أوروبا كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق إنجاز جديد في بطولة العالم 1950 في الأرجنتين حين احتل المركز الخامس رغم تساويه في النقاط مع تشيلي والبرازيل صاحبي المركزين الثالث والرابع وخسر منتخب مصر وقتها من المنتخب الأمريكي وصيف البطولة بفارق نقطتين فقط.

الطريف أن مصر اعتذرت عن عدم المشاركة بسبب تكاليف السفر نظراً لإقامة البطولة في الأرجنتين ولكن الاتحاد الدولي تكفل بمصاريف انتقال أبطال أوروبا في ذلك الوقت ولم يخيب المنتخب المصري الآمال حيث تخطى الإكوادور في الدور الأول بالفوز 43-37 ثم فاز على أسبانيا 57-56 في الدور الثاني ليتأهل للدور النهائي الذي ضم ست فرق وأقيم بنظام الدوري من دور واحد وشهد فوز مصر على كل من فرنسا 31-28 وتشيلي 43-40 والخسارة أمام الأرجنتين 68-33 والبرازيل 38-19 والولايات المتحدة الأمريكية 34-32 رغم تقدم المنتخب المصري في الشوط الأول واحتل نجم المنتخب حسين كامل منتصر المركز الثامن في قائمة الهدافين.

الجيل الذهبي لكرة السلة المصرية توج ببطولة أوروبا وحقق أفضل مركز لمنتخب مصر في تاريخ مشاركاته في كأس العالم وتوج بالذهبية الوحيدة في تاريخ السلة المصرية في ألعاب البحر المتوسط كما حقق أفضل نتيجة لمصر في الألعاب الأوليمبية وبالتحديد في هلسنكي 1952.

كانت هذه أحد الصفحات المجيدة في تاريخ الرياضة المصرية واستعرضنا معكم تفاصيلها لكي تتعرف عليها الأجيال الجديدة لعلنا نتمكن من استعادة أمجاد كرة السلة المصرية يوماً ما.